وسط ارتفاع التكاليف .. الخضار المستوردة تزاحم الإنتاج المحلي في الأسواق السورية

تشهد الأسواق السورية انتشاراً متزايداً للمنتجات الزراعية المستوردة من دول الجوار، ما أدى إلى تراجع تنافسية الخضار المحلية التي تعاني من تكاليف إنتاج مرتفعة.
الأمر الذي فرض تحديات جديدة على المزارعين السوريين، الذين خسروا أسواق التصدير في السابق، ليواجهوا اليوم خطر التراجع في الأسواق المحلية أيضاً.
وفي هذا السياق، أوضح الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش لصحيفة “الحرية” أن انتشار الخضار المستوردة يعود إلى عدة عوامل، أبرزها الارتفاع الكبير في تكاليف إنتاج الخضار الموسمية محلياً، خاصة خلال فصلي الخريف والشتاء. وأضاف درويش أن غياب سياسة دعم حكومية فعالة للقطاع الزراعي جعل أسعار المنتجات المحلية غير قادرة على المنافسة، بعدما كانت سوريا تصدّر كميات كبيرة من الخضار إلى عدة دول، لا سيما الخليجية منها.
وأشار درويش إلى أن سياسة السوق المفتوحة، التي سمحت بدخول السلع المستوردة من دون ضوابط جمركية ملائمة، لعبت دورًا رئيسيًا في ضعف المنافسة لصالح المنتجات القادمة من دول الجوار.
وأوضح أن بعض الدول، مثل الأردن، تمتلك ظروفاً مناخية مواتية لزراعة الخضار في بيئات طبيعية، مما يجعل تكاليف إنتاجها أقل مقارنة بالخضار المزروعة في البيوت المحمية داخل سوريا، والتي تتطلب نفقات إضافية.
وأكد درويش أن استمرار هذا الوضع قد يدفع المزارعين السوريين إلى البحث عن بدائل أكثر ربحية، وهو ما بدأ يظهر بالفعل من خلال تحول بعضهم إلى زراعة المحاصيل الاستوائية مثل الموز، التي تدر عوائد اقتصادية أعلى مقارنة بالخضار التقليدية.
وأضاف أن سوريا كانت تمتلك سابقاً إنتاجاً كبيراً من البندورة المعدة للتصدير، لكن فقدان القدرة التنافسية بات يهدد استمرار مثل هذه الزراعات الاستراتيجية.
وحول الحلول الممكنة لإنقاذ الإنتاج المحلي، شدد درويش على أهمية فرض ضوابط جمركية مدروسة على المنتجات المستوردة لحماية الزراعة السورية من الجمود.
ورأى أنه رغم الفوائد التي تحققها سياسة السوق المفتوحة على المدى القصير، إلا أنها قد تؤدي إلى تراجع الزراعة المحلية على المدى الطويل، ما يجعل من الضروري دعم المزارعين وتشجيعهم على الاستمرار بالإنتاج.
كما دعا درويش إلى تفعيل برامج الدعم الحكومي لمستلزمات الإنتاج، بما يتيح للمزارعين تقديم منتجاتهم بأسعار تنافسية تتماشى مع القدرة الشرائية للسكان، مع التركيز على استعادة الأسواق التصديرية، التي كانت تشكل رافدًا اقتصاديًا مهمًا لسوريا قبل سنوات.