محلي

“التسرب من المدارس” و “الفقر” .. وضع الأطفال في مصاف الإجرام والآباء في خانة العجز

كان منظر الأطفال الثلاثة وهم محتجزون في مخفر مدينة شهبا يدفع المرء لكي يفكر بآلاف الأسئلة دفعة واحدة دون أن يجد جواباً شافياً لكل ما وصل الحال إليه مع جيل فقد السلام والأمان، وبدأ كغيره يبحث عن طوق للنجاة، فلم يجد غير السرقة مصدراً للرزق. وهو ما كان مع الأطفال “م د” 13 سنة، و”ت خ” 11 سنة متسرب من الصف الخامس، واليافع “ن ز” 16 سنة.

فبعد عدد كبير من السرقات البسيطة لمحلات متنوعة داخل مدينة شهبا، ألقت دورية تابعة لأحد الفصائل الرديفة القبض على أحد الأطفال وهو يحاول سرقة محل مغلق، حيث اقتادته إلى مخفر البلدة، واعترف على شركائه في السرقات التي اقتصرت على جرار الغاز من المطاعم، وعدة نجار تم إهداؤها لأحد المعارف، وأشياء بسيطة لا قيمة لها بشكل عملي مثل المشاريب الروحية وعلب السجائر، وهي لا تغني أو تسمن. غير أن عقولهم الصغيرة لم تستوعب أنهم يرتكبون جنحة قد تودي بهم إلى سجن الأحداث ما لم يتعاطف مع وضعهم القضاء، ويتم علاجهم بروية وحكمة.

كان حال الآباء الذين حضروا عقب اتصال الشرطة بهم يدعوا للشفقة والحزن، على الرغم من أنهم المسؤولين بالدرجة الأولى عن فلتان أطفالهم بالشوارع، وتركهم لمدارسهم بصورة نهائية، فالآباء موظفين من الدرجة (العاشرة)، يأكلهم الفقر، ويعملون بأكثر من وظيفة كي يستطيعوا دحر الفقر عن بيوتهم، وهو ما جعلهم عاجزين عن معرفة طريق أبنائهم الجديدة، وخاصة في الليل، ولم يكن أمامهم سوى البكاء بصمت، بعد أن عجزوا عن فعل شيء.

القضية قد تبدو بسيطة، وتحصل في المجتمع السوري كل يوم، ولا تستحق التهويل، خاصة بعد الحرب والأزمات التي عصفت بالوطن، لكن الشوارع السورية بدأت تغرق بالمراهقين والمتسربين من المدارس، وأطفال قرروا البحث عن الذات بعيداً عن أسوار المنزل والمدرسة، ليعودوا إلى تلك الأسوار إما لصوصاً أو مدمنين ومروجين للمخدرات، أو مراهقين يفتعلون كل يوم المشاكل الدامية أمام المدارس.

ضياء صحناوي

زر الذهاب إلى الأعلى